أصبحت عملة البيتكوين، محور حديث أساسيا على طاولة صناع القرار الرسمي، وحتى بين مجالس إدارات الشركات الكبرى والمستثمرين الذين يبحثون عن فرصة لزيادة ثرواتهم، أو أولئك الذين يطاردون حلم الثراء السريع.
عندما أطلقت عملة بيتكوين لأول مرة في عام 2009، بشكل غامض تماما، بدا كما لو أنه سيناريو لأحد أفلام هوليود، لم يأبه لها الكثيرون، بما في ذلك الحكومات وصناع السياسات في البنوك المركزية، وكذلك أغلب الناس والمستثمرين.
حتى أن هناك واقعة شهيرة تعود إلى عام 2010، عندما طلب أحد المبرمجين من زميله أن يدفع له ثمن البيتزا التي اشتراها، مقابل أن يمنحه 10 آلاف بيتكوين، والتي كانت الواحدة منها تساوي 0.003 دولار، أي ما يعادل إجمالا 30 دولارا.
هذه العشرة آلاف بيتكوين، تعادل ثروة هائلة الآن، وعند أعلى مستوى بلغته العملة هذا العام، فإنها تعادل نحو 640 مليون دولار، حيث سجلت العملة الرقمية مستوى 64 ألف دولار قبل أشهر، قبل أن تتراجع حاليا إلى نطاق 40 ألف دولار، وأصبحت هذه الواقعة تخلد تحت اسم "يوم بيتزا البيتكوين".
بطبيعة الحال، تعكس هذه القيمة المرتفعة اهتماما متزايدا من قبل المتداولين، الذين يتهافتون على البيتكوين من بين أكثر من 11 ألف عملة رقمية مشفرة أخرى، ولعل ذلك يفسر العداء المتزايد بين الحكومات وكل ما يرتبط بهذه العملة التي تتجاوز الإشراف المركزي.
لكن ما هو سبب هذه العداوة حقا ما دامت هذه العملة تشكل فرصة للمستثمرين بجني الأرباح، أو كما يدعي البعض أنها تشكل مستقبل الأموال وأفضل طريقة للدفع؟ إجابة هذا الأمر معقدة، وليس من السهل التنبؤ بمستقبل بيتكوين في ظل الرفض الرسمي لها في دول عدة، لكن لنفهم الأمر يجب أن نستعرضه من البداية.
ما هي بيتكوين (Bitcoin)؟
باختصار، البيتكوين هي عملة رقمية تمتاز بخاصية التشفير التي تمنحها درجة عالية من الأمان والحماية، والتي تمنع التزوير أو إجراء معاملات مكررة، حيث تقوم على تقنية "بلوك تشين" القادرة على توفير سرية وموثوقية كبيرتين، وهي شبكة إلكترونية لا مركزية يستحيل تقريبا اختراقها أو مراقبتها.
بيتكوين هي عملة عبر الإنترنت من نظير إلى نظير (أو ما يعرف بأسلوب الند للند)، ما يعني أن جميع المعاملات تحدث مباشرة بين مشاركين على نفس المستوى ومستقلين في الشبكة، دون الحاجة إلى أي وسيط للسماح بالمعاملات أو تسهيلها.
يفسر ذلك ببساطة استياء الحكومات من تعاظم نفوذ هذه العملة، فبعيدا عن المحافظ المالية الإلكترونية التي يستخدمها المستثمرون لتداول العملات الرقمية في البورصات، لا يمكن تعقب حركة الأموال عبر شبكة بيتكوين الخاصة، وبالتالي لا تستطيع السلطات أن تعرف من يملك ماذا؟ أو من نقل كم لمن؟ وهي أسئلة مهمة لضمان سلامة الأنظمة المالية وتعقب المجرمين.
بعض التقارير أشارت إلى وقوع جرائم مختلفة باستخدام بيتكوين، دون قدرة السلطات على تعقب حركة الأموال المستخدمة في هذه الجرائم (بعضها اكتشف عن قبيل الصدفة أو باعتراف الشركاء).
على سبيل المثال، أشارت تقارير إلى استخدام بيتكوين للدفع عبر شبكة الويب الأسود للقتلة المأجورين من أجل تنفيذ اغتيالات، كما استخدمت العملة الرقمية كوسيلة لغسل أموال الأعمال غير المشروعة مثل تجارة المخدرات، وفي هذه الحالات لا يوجد حساب بنكي يمكن أن ترصد سلطات الأمن المالي التغيرات المفاجئة والمبالغ فيها كما هو الحال في النظام المالي التقليدي.
ما هو رمز عملة بيتكوين؟
يرمز لعملة بيتكوين الرقمية باختصار"₿" أو"฿" تماما كما يرمز لبعض العملات التقليدية برموز مميزة مثل "$" للدولار أو "€" لليورو أو "£" للجنيه الإسترليني.
لكن عادة ما يقصد بكلمة رمز العملة، الاسم المختصر الذي يتم تداولها به في البورصات، وفي هذه الحالة، تعرف بيتكوين بالرمز "BTC"، أو "BTC-USD"، ويرمز الأخير هذا إلى قيمة بيتكوين مقابل الدولار حيث أن "يو إس دي" تعني الدولار الأمريكي.
تاريخ عملة البيتكوين
بيتكوين هي، كما ذكرنا بالأعلى، عملة مشفرة لا مركزية، كُشف عنها لأول مرة في الأصل، في "الورقة البيضاء" الصادرة عام 2008 من قبل شخص أو مجموعة من الأشخاص استخدمت الاسم المستعار ساتوشي ناكاموتو، حسبما ذكر موقع "كوين ديسك" لأخبار العملات الرقمية.
هذه الورقة البيضاء ومجموعة من المعلومات حول هذه العملة، وصلت إلى مجموعة من الصحفيين والمحللين والمستثمرين عن طريق البريد الإلكتروني، من قبل ناكاموتو، والذي قال إنه يهدف إلى تحرير النظام المالي العالمي.
تم إنشاء بيتكوين، وفقًا لكلمات ناكاموتو الخاصة، للسماح بإرسال المدفوعات عبر الإنترنت مباشرة من طرف إلى آخر دون المرور عبر مؤسسة مالية. أطلقت العملة فعليا في يناير/ كانون الثاني.
بعض مفاهيم العملات الرقمية المشفرة والتي تمتاز باللا مركزية سبقت بيتكوين من الناحية النظرية، لكن بيتكوين تتميز بكونها أول عملة مشفرة على الإطلاق يتم استخدامها فعليا، كما أنها العملة الأكثر شهرة والأكثر قيمة الآن، وفقا لموقع "كوين ماركت كاب" الذي يتتبع قيم العملات الرقمية.
من هو مؤسس البيتكوين؟
كما ذكرنا، يقف وراء الإصدار الغامض للعملة الرقمية، مطور غامض الهوية هو ساتوشي ناكاموتو، والذي لا يعرف حتى ما إذا كان شخصا أو مجموعة أشخاص، ولا تعرف حتى جنسيته (غير أن بعض التكهنات تعتبره شرق آسيوي بالنظر للاسم).
مع ذلك، أثيرت شائعات عدة حول هوية المؤسس الحقيقي، وخاضت بعض التقارير ومقالات الرأي في هذا الجانب، حتى أنه تمت الإشارة إلى الملياردير إيلون ماسك باعتباره هذا الشخص الغامض الذي أطلق العملة سرا، نظرا لتفوقه في البرمجة وامتلاكه عقلا كبيرا وأيضا لتوافر الموارد المالية لديه.
الطبع عادت هذه التكهنات إلى الواجهة مجددا مع إعلان الملياردير الذي يحمل جنسيات جنوب أفريقيا وكندا وأمريكا، دعمه للعملة الرقمية واستثمار شركته "تسلا" مبلغا كبيرا بها، ومع ذلك، نفى ماسك نفيا قاطعا أن يكون هو ناكاموتو، ولا تزال الهوية الحقيقية للمؤسس مجهولة حتى اليوم.
في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2008، نشر ناكاموتو ورقة عمل بيتكوين البيضاء، والتي وصفت بالتفصيل كيف يمكن تطبيق عملة عبر الإنترنت من نظير إلى نظير.
واقترح المؤسس استخدام دفتر الأستاذ اللا مركزي للمعاملات المجمعة على دفعات (تسمى الكتل أو الخانات) وتأمينها بواسطة خوارزميات التشفير، وأطلق على النظام بأكمله لاحقا اسم "blockchain" أو "بلوك تشين".
بعد شهرين فقط، في 3 يناير 2009، قام ناكاموتو بإطلاق الكتلة الأولى على شبكة البيتكوين، والمعروفة باسم كتلة التكوين، وبالتالي أطلق أول عملة.
ومع ذلك، في حين أن ناكاموتو كان المخترع الأصلي لبيتكوين، وكذلك مؤلف أول تطبيق لها، فقد ساهم عدد كبير من الأشخاص على مر السنين في تحسين برنامج العملة المشفرة من خلال تصحيح نقاط الضعف وإضافة ميزات جديدة، وهناك أكثر من 750 مساهما من المطورين الذين تحمسوا للفكرة، وهويتهم معروفة.
الشركات والمواقع العالمية التي تقبل الدفع بالبيتكوين
رغم التاريخ السيئ للعملة الرقمية، فإن استخدامها في الدفع مقابل الخدمات وحتى المنتجات المادية، يتزايد بشكل ملحوظ، وذلك رغم التقلبات الحادة في قيمتها. تخيل أن تشتري هاتف سعره 1000 دولار اليوم بالبيتكوين، لتنخفض قيمتها إلى النصف بعد يومين.
لكن الأمور لا تحسب بهذه البساطة، ففي هذا المثال، عند انخفاض قيمة البيتكوين التي حصلت عليها الشركة مقابل بيع الهاتف إلى النصف، تسمى تلك خسارة غير محققة، وفقط تصبح خسارة حقيقية إذا باعت الشركة هذه البيتكوين التي في حيازتها وحولتها لأموال عادية، لتحصل في المقابل على نصف القيمة التي تستحقها عن الهاتف.
أيضا كما أن التقلبات تعني انخفاضات قوية لقيمة العملة، فإنها تعني، عند مرحلة ما، ارتفاعات قوية، ما يترجم إلى مكاسب إضافية، فتخيل مثلا لو أن سعر بيتكوين ارتفاع بمقدار الضعف بعد الشركة للهاتف، هذا يعني أن الألف دولار تحولت إلى ألفين.
على أي حال، الواقع الذي يفرض نفسه الآن، هو الاتجاه المتزايد نحو تبني العملة من قبل الكيانات التجارية كوسيلة للدفع، وفي ما يلي نستعرض بعض هذه الكيانات التي إما أنها تقبل بيتكوين في نطاق أعمالها كاملا أو في إحدى وحداتها التابعة أو منطقة جغرافية محددة، وفقا لموقع "ياهو فايننس" وموقع "بيتكوين 99" ووكالة "يورو نيوز":
- مايكروسوفت
- ستاربكس
- تسلا
- فيزا
- باي بال
- كوكا كولا
- إكسبيديا
- هول فودز
- هوم ديبوت
- راكوتين
- تويتش
- ويكيبيديا
- برجر كينج
- كينتاكي
- صب واي
- بيتزا هت
- الخطوط الجوية النرويجية
سر قيمة البيتكوين المرتفعة
السمة الأكثر تميزا لهذه العملة المشفرة تأتي من حقيقة أنها كانت أول عملة مشفرة تظهر في السوق. لقد تمكنت من إنشاء مجتمع عالمي وولادة صناعة جديدة تماما من ملايين المتحمسين الذين ينشئون ويستثمرون ويتاجرون ويستخدمون البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى في حياتهم اليومية.
يعتمد سوق العملات المشفرة بالكامل - الذي تبلغ قيمته الآن أكثر من 1.5 تريليون دولار - على الفكرة التي أدركتها بيتكوين، وهي أن الأموال يمكن إرسالها واستلامها من قبل أي شخص في أي مكان في العالم دون الاعتماد على وسطاء موثوق بهم، مثل البنوك وشركات الخدمات المالية.
أدى ظهور أول عملة مشفرة إلى إنشاء أساس ومفاهيم وتكنولوجية ألهمت لاحقا تطوير الآلاف من المشاريع المتنافسة. وبفضل طبيعتها الرائدة، لا زالت البيتكوين على رأس هذا السوق النشط بعد أكثر من عقد من الوجود.
في الحقيقة، إلى جانب ظهور أنشطة تجارية ومعاملات مالية تعتمد على عملة البيتكوين كوسيلة للتسوية والدفع، فإنها لا تزال تستمد قيمتها من المستثمرين المضاربين الذي يشترونها اليوم على أمل بيعها بسعر أغلى غدا بهدف تحقيق الثروة السريعة.
هذه الطريقة تجعلها سعلة استثمارية شديدة التقلب، فعلى سبيل المثال، ارتفعت قيمتها من 29 ألف دولار بداية هذا العام إلى 64 ألفا بحلول منتصف مايو/ أيار الماضي، قبل أن تنخفض لاحقا إلى نفس مستوى بداية العام، ولتستقر حتى الآن حول منطقة الأربعين ألفا.
هذه التقلبات الحادة كانت السمة الرئيسية لها منذ إطلاقها، وعادة بعد كل ارتفاع كبير وسريع ما تفقد جزءا من هذه المكاسب، لكن على المدى الطويل تظل العملة مثلا للنمو الفائق للقيمة إذا ما نظرنا إلى سعرها في 2010، وبالتحديد في واقعة البيتزا.
ومع ذلك، فإن الأمر الذي يجعل بيتكوين مميزة للغاية ويمدها ببعض القوة، هو أنها محدودة الإصدار، فهي ليست مثل باقي العملات سواء رقمية أو عادية يمكن إصدار وحدات منها كيفا نشاء، وإنما حدد ناكاموتو أساسا لها يقضي بإصدار الشبكة الخاصة بها عددا محددا منها لا يمكن تجاوزه بأي شكل كان.
في أي حال من الأحوال، لن يكون من الممكن إصدار أكثر من 21 مليون وحدة من بيتكوين (يتم الآن تداول 18.77 مليون عملة بيتكوين)، وهذا يعني أن نهاية إصدار عملات جديدة منها قد اقتربت، والبشر بطبيعتهم اعتادوا على منح الأشياء النادرة والمحدودة قيمة مرتفعة.
على أي حال، لا تزال هذه حجة غير مقنعة للكثير من المسؤولين الذين يرون أنها عملة بلا قيمة حقيقية، حيث لا يدعمها أي شيء مادي مثل احتياطي ذهبي أو يضمنها جهة موثوقة مثلما تضمن البنوك المركزية والحكومات عملاتها الرسمية.
استخدامات البيتكوين
إلى جانب الاستثمار، أو كوسيلة للمضاربة كما يحب أن يقول المحللون المعارضون للعملة الرقمية، يمكن استخدام بيتكوين كأي عملة رقمية، في الدفع مقابل الخدمات أو المنتجات عبر المنافذ التجارية والخدمية التي تقبلها، أو يمكن ببساطة استخدامها في تحويل الأموال بسهولة.
بدلا من عملية التحويل النقدي التقليدية عبر البنوك والوسطاء المعتادين، يمكن استخدام بيتكوين والعملات الرقمية لتحويل الأموال من الأشخاص والشركات بسهولة ودون وسطاء ودون تعقب.
مميزات وعيوب البيتكوين
تتميز شبكة "بلوك شين" باللا مركزية التي تجعلها مقاومة للرقابة، كما أنها تسمح للشخص بمطالعة معاملاته في الماضي والحاضر، وطبعا أهم مميزاتها الأخرى هي الخصوصية والأمان.
يتمتع مستخدمو بيتكوين بقدر أكبر من التحكم في معلوماتهم الشخصية وبياناتهم المالية، ويواجهون مخاطر أقل لسرقة الهوية مقارنة بمستخدمي العملات الورقية وغيرها من أشكال الدفع الرقمية مثل بطاقات الائتمان، حيث تخفي خوارزميات التشفير عنوان محفظة العملة عن الآخرين.
رغم التقلبات التي تشتهر بها، استطاعت بيتكوين أن تكتسب شعبية كوسيلة استثمارية، حيث زادت قيمتها بشكل كبير على المدى الطويل، وهذا يعني أن من يشتريها ويبقي عليها لفترة طويلة يمكنها أن يجني المكاسب.
لكن التقلبات تظل عيبا رئيسيا، حيث تتسبب في خسائر فادحة للبعض، خاصة أولئك الذين لا يملكون رفاهية الانتظار لتعويض الخسائر مع الارتفاع القادم للسعر. البعض اشتراها بأموال مقترضة وكان عليه سداد قيمة القرض على الفور، وهنا تكون الخسائر مضاعفة.
الأمر الآخر أنها لم يتم قبولها كوسيلة دفع على نطاق واسع رغم الشركات الكثيرة التي تسمح باستخدامها. أيضا ارتباطها بالويب المظلم واستخدامها كعملة للدفع مقابل الجرائم أو سداد الفدية للقراصنة يجعلها محلل شك وهجوم دائما.
الأسئلة الشائعة حول عملة البيتكوين المشفرة
كيف يمكن الحصول على بيتكوين؟
يتوقف ذلك على موقف الدولة الرسمي من العملة، فبعض الدول تمنع تداولها كأداة استثمارية، وتحظر على الوسطاء الماليين والبنوك إجراء أي معاملات ذات صلة بها.
لكن في ظل ظروف عادية، يمكن تداول بيتكوين مثل الأسهم، حيث يفتح المرء حسابا لدى شركة وساطة مالية متخصصة ويتداول العملة عبر بورصات العملات الرقمية بيعا وشراء. في بعض الدول يمكن إجراء معاملات تداول بيتكوين عبر أجهزة في الشوارع تسمى "الصراف الآلي لبيتكوين".
يمتلك مستخدم بيتكوين محفظة مشفرة، ويمكنه من خلالها إجراء عمليات الدفع، أو ببساطة التداول عبر البورصات، أو يمكن ببساطة تجنب كل هذه الوسائل والاعتماد على خاصية الند للند، حيث يتواصل الشخص مع آخر عبر المنتديات الإلكترونية ويتفقان على التبادل.
العوامل المؤثرة على سعر بيتكوين؟
كغيرها من الأشياء التي تباع وتشترى، تتأثر بيتكوين بالعرض والطلب، وهناك أمور عدة تحرك هذين العاملين.
مثلا، يرجح بعض المحللين أن الموجة الصعودية الأخيرة للعملة، والتي بدأت في الأشهر الأخيرة من العام الماضي واستمرت حتى منتصف ربيع هذا العام، كانت مدفوعة بالحوافز المالية التي منحتها الحكومات للمواطنين من أجل مواجهة ضغوط الوباء، حيث فضل الناس استثمار هذا الفائض المالي.
أيضا قد يتدافع المستثمرون نحو العملة الرقمية كوسيلة للتحوط ضد المخاطر، فعندما تتعرض أسعار الأسهم للضغط وتبدو غير مربحة، قد يفكر المستثمرين في بدائل أخرى لتوجيه الأموال إليها.
تتأثر العملة أيضا بالقرارات الحكومية، فمثلا القرارات التي اتخذتها الصين وأمريكا وبريطانيا والهند وغيرها للحد من شعبية العملة، تُرجمت إلى مخاوف بشأن مستقبلها، وبالتالي أثرت على الطلب عليها.
بعض المحللين يذهبون للقول إلى الطلب المدفوع بالجرائم، قد يكون سببا في التقلبات السعرية الحادة، حيث يحتاج المجرمون وعصابات القرصنة إلى مبالغ كبيرة، وهذا يدفع إلى شراء أو بيع وحدات كثيرة من العملة، ما يؤثر على السعر.
ما مستقبل عملة البيتكوين الرقمية؟
في الحقيقة، لا سؤال أصعب من هذا في الأوساط المالية الآن، ففي حين يوجد جانب متحمس للغاية تجاه العملة، مدعوم بشركات عالمية ومستثمرين محنكين أمثال ماسك، فإنها لا تزال تحظى برفض قاطع من أشخاص وكيانات أكثر تأثيرا.
الأهم من ذلك، أن مستقبل هذه العملة سيظل أسير القرارات الحكومية، والتي لا يبدو أنها ستتغير نحو الدعم، خاصة مع اتجاه البنوك المركزية لتطوير عملاتها الرقمية الخاصة التي يمكن إخضاعها للرقابة وتحظى بدعم مؤسسي موثوق.
يقول المتفائلون إنها
ستواصل الارتفاع وتحقق مستويات سعرية خرافية تتخطى 100 ألف دولار وربما 200 ألف دولار وأكثر في المستقبل، نظرا لندرتها وفي ظل القبول المتزايد لها كوسيلة دفع، والذي يعتقدون أنه سيصبح سمة شائعة في المستقبل.
على الجانب الآخر، يرى المنتقدون أنها مجرد فقاعة استثمارية تشبه فقاعة هوس التوليب في القرن السابع عشر في أوروبا، عندما ارتفعت أسعار زهور التوليب بشكل فائق (البعض يقول إن سعر الزهرة الواحدة أصبح يعادل سعر منزل في ذلك الوقت)، ثم انهار بشكل سريع متسببا في خسائر مالية فادحة.
ويقول هؤلاء إن العملة لا تملك أي قيمة حقيقية، ولا تضاهي حتى العملات الرقمية الأخرى التي تصدرها شركات لأغراض تجارية خالصة تمنحها معنى وقيمة وموثوقية، وبالتالي يتوقعون عند مرحلة ما، مع تلاشي المضاربات، أن تنفجر فقاعة بيتكوين بلا عودة.
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفإرسال تعليق